قبل سبع سنوات، حصلت ال99 على موافقة السلطات السعودية. وما قد بدأ كعلاقة مريبة بين عدم توقعي لأي موافقة من جهة، وبين شكوكهم تجاه محتوى السلسلة، قد جعلنا على طرفي نقيض. لكن تبين لاحقا أن الحل لتبديد هذا الشك كان في غاية البساطة، وكان يقتضي حصولي على موافقات سلطة دينية لأبطالي كي يحلقوا عاليا في سماء المملكة
في البداية، كنت أشك كثير في الحصول على أي موافقة، خاصة وأن ال99 كانت مجرد فكرة. كنت خائفا من أن يتم حصري في الزاوية بسبب تصورات الشخص الذي قد أتكلم معه. لكن في سنة 2006، تخلصت ال99 من طابعها التجريدي، وتحولت إلى كيان حقيقي مثل الهواء الذي أتنفسه، وأصبح بإمكاني الحصول على رأي حول إبداعي الذي جاء في حلة قصص مصورة. وهكذا كان أفضل حل عملي لمعضلتنا، هو البحث عن تمويل لإبداعي من بنك الإسلامي للاستثمار تملكه جهة سعودية
كان البنك، يونيكورن، مهتما بالمساهمة في ال99، لكن الطريق لم يكن سهلا أمامه. فقد كنا نخضع لتمحيص دقيق للتأكد من كل ما هو إسلامي (بالنسبة لهم) وكل ما هو غير إسلامي. كان للبنك هيئة لامعة في الأمور الشرعية. وقد كان هذا بمثابة الصك الشرعي الذي نبحث عنها. ولأن المنتجات الإعلامية المتوافقة مع أحكام الشريعة كانت قليلة ومتباعدة، مما جعل الأمر مغريا لاستغلاله. كانت اللعبة كلها تتعلق بمدى الحصول على أكبر نسبة من الجمهور. والفائز هو من يحصل على أكبر قدر من الأتباع لفلسفته. والإسلام هو الآخر يحتوي على العديد من الفلسفات، التي تختلف في كون بعضها لا تحصل على التمويل المناسب بهدف الترويج مثل الأخريات. لذلك، فقد كان علينا بيع إحدى شركاتنا بالخسارة، بسبب عدم موافقاتها لأحكام الشريعة. والشركة هنا هي مجلة كراكت. الغبي فقط هو من سيدعي أن هذه المجلة ستضيف قيمة ما للإسلام (أو لأي حضارة موجودة خارج ملعب الأولاد). لذلك خضعنا للتمحيص تحت مجهر الشريعة وبقينا ممتثلين له منذ ذلك الوقت
كانت الرحلة مع ال99 طويلة وشاقة، ومع ذلك، فقد كانت ذات إنجازات وتأثيرات واضحة. واليوم، بعد 11 سنة من ميلاد ال99، أكملنا مهمتنا، بابتكار مفهوم حائز على مكانة وجوائز دولية محترمة، بما يقارب 50 قصة مصورة ذات محتوى قيم (بما في ذلك تلك التي يشارك فيها أبطال ال99 العمل مع باتمان وسوبرمان) بالإضافة إلى 52 حلقة (الرقم الذهبي الذي يطمح كل منتج بالوصول إليه) من سلسلة رسوم متحركة. تضمن الموسم الأول 26 حلقة، عرضت كلها على قنوات وشاشات أكثر من 70 بلدا تمتد من الولايات المتحدة غربا إلى الصين شرقا، ولأكثر من عامين متتاليين. ولم نصبح بذلك أول ملكية إعلامية من منطقتنا تغزو العالمية فقط، بل كنا من المتفوقين في تأسيس مثل هذه الملكية على قيم يتشاركها المسلمون مع الثقافات الإنسانية الأخرى لمحاربة السلبية التي غالبا ما ينظر من خلالها إلى ثقافتنا وللإسلام. لقد كنا نعطي الأطفال نماذج بديلة للاقتداء، ذات قيم عالمية منبثقة من قيم الإسلام. وكنا نصنع فرقا واضحا في هذا الأمر، دفع بالإعلام الدولي لمتابعتنا وتقديم تقارير عن الأمور الإيجابية في الإسلام
يمكنكم التخيل مدى المفاجأة التي استيقظت عليها من خلال فتوى مفتي المملكة العربية السعودية مع باقي أعضاء علماء اللجنة الدائمة للإفتاء، والتي تقضي بأني عملي باطل ويجب إنكاره. لم أصدق الأمر. لماذا مثل هذه الفتاوي؟ ولماذا تصدر الآن؟ لماذا هذه الفتوى بعد 6 سنوات من الانتشار الناجح في السوق السعودي مع الدعم الكامل والموافقات الضرورية من وزارة الإعلام السعودية، وبعد سنتين من بداية بث السلسلة على التلفزيون السعودي، وبشكل مثير للحيرة، بعد أشهر من بث آخر حلقة في السلسلة حاليا. لماذا قضى المفتي بفتواه في حق مسلسل لم يعد يبث منذ أشهر؟
من بين الدروس التي تعلمتها من والدتي، هي أن عدوك ليس أبدا الشخص الذي يتحدث عنك بسوء من ورائك، لكن عدوك هو الذي قد يأتيك ليخبرك عمن يتحدثون عنك بسوء من ورائك. السياق هو مفتاح الحل، ونية حامل الخبر تعادل مدى حبكة الخبر نفسه. في هذه الحالة، فإن عدوي وعدو مفتي الديار السعودية هو واحد. إنه الشخص الذي بلغه بمعلومات مغرضة بهدف إصدار مثل هذه الفتوى. قد أفاجئكم إن أخبرتكم إني متفق مع ما جاء في الفتوى
إن السؤال الذي طرح على سماحة المفتي قد صيغ بسلبيات وأخطاء وربما عن قصد وسوء نية، وربما عن جهل. مثلا، فقد زعم أني قد ابتكرت 99 شخصية كلها لها صفة واحدة من صفات الله الحسنى لدرجة أنها ستندمج لتصبح إلها آخر، وهذا من شأنه أن يوقع الأطفال في حيرة ويبعدهم عن وحدانية الله. حسنا، إن كنت قد قمت بذلك، فإن ذلك يعتبر في الواقع كفرا. والحقيقة هي أن قصة ال99 المصورة تتضمن أقل من 40 بطلا في الوقت الحالي، وخلال أول مقابلة أجريتها حول ال99 مع جريدة نيويورك تايمز الأمريكية سنة 2006، ذكرت بشكل محدد أنه من المستبعد أن نقترب من ابتكار 99 من الأبطال الخارقين، خاصة وأن بعض صفات الله الحسنى غير قابلة للتمثيل في أي شكل إنساني. بعض الصفات الأخرى، تحمل طابعا إنسانيا لكن ليس في شكلها المطلق (مثل الكرم والقوة). وبعض هذه الصفات تحمل طابعا إنسانيا لكن غارقا في التجريد. وقيل أيضا أن قناة إم بي سي 3 مازالت تعرض المسلسل. وهذا غير صحيح، لأن البث توقف منذ عدة أشهر، بسبب الطبيعة الدورية للبرمجة. وأخيرا، قالوا أن السلسلة تتضمن موسيقى. هنا أعترف إني مذنب. فأنا أحب الموسيقى وبشدة. وهذا هو الجزء الصحيح والوحيد ضمن ما طرح على سماحة المفتي
ما ينسب لل99 من طرف الشخص الذي طرح السؤال طالبا للنصيحة من العلماء، هو غير صحيح. وما على كل شخص يشك في الأمر أن يقوم به هو مشاهدة السلسلة أو قراءة القصة المصورة لاكتشاف الأمر بنفسه. لكن من عادة الناس أن يصدروا آراءهم وأحكامهم على الكتب من أغلفتها فقط، حتى قبل أن يخترع الحبر الذي ستكتب به. إنه لمن المؤسف بعد سنوات من العمل الشاق، أن يحكم على ال99 كتجريد وكفكرة أكثر منها كعمل له تأثير عالمي. لكني أتفهم أن هذا هو السائد بين الناس، وعند طلب أي فتوى، فإن السائل يطرح سؤاله، ويقدم العلماء إجابتهم حسب منطوق السؤال نفسه
والآن حان دوري لطلب فتوى من هيئة العلماء ودار الإفتاء السعودية، وهذه هي أسئلتي
سماحتكم، ما حكمكم حول مفهوم أدى إلى خلق نماذج اقتداء إيجابية مستوحاة من الثقافة الإسلامية وموجهة للأطفال حول العالم؟ ما حكمكم حول مفهوم يعتمد على قيم إنسانية لأقل من 40 من أسماء الله الحسنى ال99 مثل الكرم والرحمة والصفات الأخرى التي يمكن للإنسان اكتسابها بدرجات أقل، ويمكن للمواطنين الصالحين عبر العالم أن يطمحوا إليها؟ ما حكمكم على سلسلة مستوحاة من الثقافة الإسلامية تحظى بإقبال واسع من طرف ملايين الأطفال في العالم من الصين إلى الولايات المتحدة الأمريكية؟ ما حكمكم على سلسلة ألهمت الكثير من الشركات الإعلامية الرئيسية على إطلاق أبطالهم الخارقين المسلمين، بدل الأشرار المسلمين الذين كانوا سائدين قبل ال99؟ ما حكمكم على سلسلة ساعدت في تغيير الطريقة التي يتم بها تناول الإسلام في الإعلام الدولي من خلال التركيز على جوانبه الإيجابية والمتسامحة، مما يجعل الكثير من الناس أكثر تقبلا للإسلام؟
يقول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف " إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى". نيتي كانت واضحة ومتناسقة ومعلنة منذ البداية، وعسى الله أن يجازينا حسب نوايانا. ومع ذلك، يكون دائما هناك من يتوجس مني، وذلك من حقه. حيث من الضروري أن يمتلك المرء جرعة صحية من الشك في هذه الحياة. لكن كما هو كل شيء في الحياة، فإن الاعتدال هو الأساس. وبالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يشكون في نوايا ال99، واختاروا موقفهم بدون مشاهدة السلسلة أو قراءة القصة المصورة، فإني أتركهم مع الآية الكريمة التي تقول " يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم"، صدق الله العظيم